• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    البلاغة ممارسة تواصلية النكتة رؤية تداولية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    الإعراب لغة واصطلاحا
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    مفهوم القرآن في اللغة
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أهمية اللغة العربية وطريقة التمهر فيها
    أ. سميع الله بن مير أفضل خان
  •  
    أحوال البناء
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    وقوع الحال اسم ذات
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    ملامح النهضة النحوية في ما وراء النهر منذ الفتح ...
    د. مفيدة صالح المغربي
  •  
    الكلمات المبنية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    عزوف المتعلمين عن العربية
    يسرى المالكي
  •  
    واو الحال وصاحب الجملة الحالية
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    تسع مضين (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    أهل القرآن (قصيدة)
    إبراهيم عبدالعزيز السمري
  •  
    إلى الشباب (قصيدة)
    عبدالله بن محمد بن مسعد
  •  
    ويبك (قصيدة)
    عبدالستار النعيمي
  •  
    الفعل الدال على الزمن الماضي
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / روافد
علامة باركود

مقدمة تفسير ابن النقيب والمطبوع خطأً بعنوان "الفوائد المشوق"

د. زكريا سعيد علي


تاريخ الإضافة: 19/11/2009 ميلادي - 1/12/1430 هجري

الزيارات: 24008

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة تفسير ابن النقيب في علم البيان والمعاني والبديع وإعجاز القرآن
للإمام: أبي عبدالله جمال الدين محمد بن سليمان البَلْخي المقدسي الحنفي
الشَّهير بابن النَّقِيب، والمُتَوَفَّى 698 هـ
والمطبوع خطأً بعنوان
((الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان))
لابن قيِّم الجوزية
كشف عنها وعلَّق حواشيَها
د. زكريا سعيد علي

 

 
إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، إنَّه مَنْ يهد الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
 
اللهمَّ إني أسألك رحمةً تهدي بها قلبي، وتجمع بها أمرِي، وتَلُمُّ بها شَعَثِي، وتصلح بها غائبي، وترفع بها شاهدي، وتُزَكِّي بها عملي، وتُلْهِمني بها رشدي، وتَرُدُّ بها أُلْفَتي، وتعصمني بها من كل سوء.
 
وبعد:
فما أسعدَني أن أَجْلُو غُبَارَ الزَّمن المُتَطَاول عن هذه القطعة الغالية من تراثنا التَّلِيد، وأُعِيدُها إلى مكانها اللاَّئِق بين أيدي الدارسين بعد غَيبة مئات من السنين، وإنه فضلٌ من الله الكريم المَنَّان أن يجري هذا الخير على يدي، يسعدني أن أَتَقَدَّم إلى أهل العلم وطلاَّبه بهذه الطبعة الأُولى الكاملة[1] من "مُقَدِّمة تفسير ابن النقيب في علوم البلاغة"، وكنتُ قد نشرتُ بـ"مجلة معهد المخطوطات العربية" المجلدَ الخامس والثلاثين (35) بحثًا عن هذه المقدِّمة؛ لتصحيح هذا الخطأ الذي ساد بين الدَّارسين من نسبة ما أُطْلِق عليه اسم "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان" إلى الإمام: ابن قَيِّم الجوزيَّة، وكان هذا المقال بمثابة إرهاصة بين يدي هذا العمل، وقد وَجَدَتْ أصداءً طيِّبة أَثْلَجَت صدري، ومنها ما عَلَّق به الأستاذ الدكتور: عبدالإله نبهان، وكيل كلية الآداب بجامعة البَعْث في حِمْص بسورية، في نشرة أخبار التراث العربي[2]، فقال: "قَتَل الكاتبُ الشَّكَّ باليقين في تحقيق نسبة الكتاب إلى ابن النقيب بالحُجَّة والدليل، فقضى بذلك على شكوكٍ طالَتْ مساوَرَتُها أفكارَ المحقِّقين".
 
وقد أفادني تعليقُه هذا فائدةً ثمينة - جزاه الله خيرًا - حيث نبَّهني إلى ما نُشِر طعنًا في نسبة هذا الكتاب بـ"مجلة المنار" عام 1334 هـ- 1916 م منسوبًا إلى "أبي الأشبال"، وقال الدكتور نبهان: "إن الكاتب لم يصرح باسمه".
 
وما أن قرأتُ هذا حتى استخفَّني السُّرور، فـ"أبو الأشبال" كنية الأستاذ المحقق العلامة الشيخ: أحمد محمد شاكر - رحمه الله - وكان يُصدر بها كثيرًا من كتاباته، فلكلامه قدره ووزنه الذي يعرفه له العارفون، وإنَّني هنا أثبت نصَّ كلام الأستاذ الكبير في صدر هذا العمل؛ عِرْفانًا بفَضْله وتقدمه.
 
قال - رحمه الله -: "ومن الكُتُب المنسوبة قصدًا للنفاق كتاب يُسَمَّى كتاب "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان" نُسِبَ إلى الإمام الجليل: شمس الدين ابن القيم - رضي الله عنه - وهو كتاب لا بأس به، فيه فوائد أدبيَّة، ونُكَت بلاغيَّة، فصيحُ العبارة، ويظهر أن مؤلفه كان من الكُتَّاب المنشئين، لا العلماء المحققين - أمثال إمامنا: ابن القيم - فإنَّ له في بعض المسائل تحقيقات واختيارات سخيفة لا يقولها من شامَّ للعلم بارقةً، لو لم يكن لشمس الدين ابن القيم بين أيدينا كتبٌ غير هذا لقلنا: كاتب يستَخِفُّ ويظُنُّ أنه محقِّقٌ، وأحمق يتكايَس ويظُنُّ أنه عاقل، ولكنَّ كتب ابن القيم تُنَادِي بقُوَّةِ نَظَرِه ودِقَّةِ بحثِه، وكَثْرَةِ عِلْمِه، وبُعْدِ غَوْرِه، ولله دَرُّه من إمامٍ جليلٍ، وحاشا لله أن يقول في إعجاز القرآن كما قال مؤلف هذا الكتاب (في صحيفة 255) بعد أن حكى الأقوال في وجه الإعجاز ما نصُّه: "قال المصنف - عفا الله عنه -: والأقرب من هذه الأقاويل إلى الصواب قول مَنْ قال: إن إعجازه بحراسَتِه من التَّبْدِيل والتَّغْيِير، والتَّصحِيف والتَّحريف، والزِّيادة والنُّقْصان، فإنَّه ليس عليه إيرادٌ ولا مطعن" هذا اختياره، وحكاية مثل هذا تغني عن رَدِّه وضَرْبِ الأمثالِ على بطلانه.
 
وأغرب من هذا القول قولُه في الصحيفة نفسها بعد أسطر: "وقال قومٌ: إعجازُه من جهة أن التَّحَدِّي وقع بالكلام القديم الذي هو صفةٌ قائمةٌ بالذَّات، وأن العرب إذ تُحدُّوا بالتماس معارضتهم له، والإتيان بمثله أو بمثل بعضه، كُلِّفُوا ما لا يُطَاق، ومن هذه الجهة وقع عجزُهم، وهذا القول أيضًا حسن"، هذا كلامُه بنصه، وإنِّي أترك للقارئ فهم معنى التَّحَدِّي بالصفة القديمة فذلك ممَّا يَقْصُر عقلي عن دَرَكِه.
 
وقد اتَّصل بي أن النُّسخة الخطية التي طُبِع عنها هذا الكتاب كانت نسبتُه فيه إلى ابن القيم مكتوبةً عليها بخطٍّ جديد غير خط الأصل، فقيل لطابِعه: لا تَنْسبُه لابن القيم؛ فلعلَّ كاتب هذه لم يَتَحَرَّ النسبة، وخصوصًا أن الكتاب غير معروف في كُتُب ابن القيم، فأَبَى ونَسَبه إليه، فحسبنا الله ونعم الوكيل"، انتهى كلام أبي الأشبال، وقد نَشَرَه في "المنار"، المجلد (19) عام 1334 هـ- 1916 م، ص 120، باب المُرَاسَلَة والمُنَاظرة.
 
وبعد أن انتهى الدكتور: نبهان من سيَاقةِ كلام أبي الأشبال عَلَّق عليه بقوله: "وواضحٌ أن أدوات البحث وصلت بالدكتور زكريَّا إلى نتائج مُقْنِعة، لم يَصِل إليها كاتب تلك السُّطور عام 1916، وجزى الله الكاتبَين - السَّابِقَ واللاَّحِقَ - خيرَ الجزاء".
 
وأنا أقول أيضًا: وجزى الله الكريم الدُّكتور: عبدالإله نبهان خيرَ الجزاء على ما قدَّمه لي من هذه الفائدة الثَّمينة، ورَحِم الله الأستاذ الكبير: أحمد محمد شاكر على ما أَسْدَاهُ للعلم وطلابه.
 
وبعد:
فعَلِم الله مدى ما بذلتُ من الجَهْد والعناء في سيبل إخراج هذا العمل، ولولا رعاية الله وتوفيقه لضللتُ السبل، ولغابت عني أعلام الطريق الهادية، فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من حِيَادٍ عن الجادَّة فمن نفسي ومن الشيطان، وإنَّني هنا لأتوَجَّه إلى أهل العلم وطلاَّبه آملاً أن يتَّجِهوا إلى هذا العمل بالتَّقوِيم والتَّسْدِيد والإرشاد، "والعلم رَحِمٌ بين أهله"، والكمالُ لله وحده؛ {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3].
ومَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا        كَفَى  المَرْءَ  نُبْلاً  أنْ   تُعَدَّ   مَعايِبُهْ
ولا يفوتني هنا أن أذكر فضل عملَيْن رائدين، كان لهما أثرٌ كبير في تيسير ضَبْطِي لمصطلحات البلاغة ومراجَعَتِها في أصولها - وما كان أَعْسَر ذلك! - وهما: كتاب الدكتور: أحمد مطلوب "معجم المصطلحات البلاغية وتطورها"، وتحقيق الدكتور حفني شرف لكتابَيْ ابن أبي الإصبع: "تحرير التحبير"، و"بديع القرآن".
 
كما أَتَقَدَّم بمَوْفُور شكري لِمَن أَسْدَى إليَّ فَضْلَ معاونة ومؤازرة، وأخُصُّ بالذِّكر الإخوةَ الزملاء؛ الدكتور: هشام عبدالعزيز، والدكتور: محمد صقر، والدكتور: عبدالسلام السيد حامد - على ما بذلوه من جهدٍ في أعمالِ المقابلة والتصحيح، وإنَّه لمن دَوَاعي سروري أن يتولَّى نشرَ هذه الطبعة الأولى من هذا العمل أحفادُ ناشرُ مطبوعةِ "الفوائد المُشَوِّق"  (الخانجي) - رحمه الله - فتَحَقَّق في هذا العمل امتدادُ الأجيال، وأسأل الله أن يُوَفِّقَهم لخدمة هذا التراث.
{رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}، أبوء لك بنعمتك عَلَيَّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، والحمد لله في الأولى والآخرة.
أبو يحيى
زكريا سعيد
القاهرة: وقت أذان العصر من يوم الاثنين
الثامن عشر من رمضان: 1414 هـ
28 من فبراير 1994 م.
 
كتاب "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان"، المنحول للإمام: ابن قيم الجوزية، هو "مقدمة تفسير ابن النقيب".
 
"كتاب الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان"؛ للإمام: ابن قيم الجوية[3] كتاب صدرت طبعته الأولى بالقاهرة عام 1327هـ[4] على نفقة محمد أمين الخانجي[5] الكتبي وشركاه بمصر والآستانة، وعُنِي بتصحيحه محمد بدر الدين النَّعساني[6]، وقد أثنى على هذا الكتاب أديبُ العربيَّة الكبير: مصطفى صادق الرافعيُّ فقال: "أمَّا إن أردتَ أن تعرف أنواع البلاغة في آيات القرآن والتمثيل منها لكلِّ نوع، فليس أَوْفَى بغرضك من كتاب "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان"؛ للإمام ابن قَيِّم الجوزية المُتَوَفَّى 751، وقد جمعه من أمهات الكتب المصنَّفة في البلاغة، فكان في ذلك الغرض بها جميعًا"[7].
 
وقال عنه في موضعٍ آخر من كتابه "إعجاز القرآن" تحت عنوان: (البلاغة في القرآن): "وبعدُ، فلا سبيل من كتابِنا هذا إلى بَسْط الكلام وتقسيمه فيما تَضَمَّنه القرآن من أنواعِ البلاغة الَّتي نَصَب لها العلماء أسماءَها المعروفة؛ كالاستعارة، والمجاز، وغيرهما، فضلاً عن أنواع البديع الكثيرة، فإنَّ ذلك يُخْرِجُ الكلام مخرج التأليف، وبناء القول على هذه الفنون نفسها وهو معنًى كان استخراجُه من القرآن بابًا مفردًا صنَّف فيه جماعةٌ من العلماء المتأخرين، منهم: الإمام الرازي المتوفى 606، فقد لخَّص كتاب "أسرار البلاغة" و"دلائل الإعجاز"؛ للجرجاني، واستخرج منهما كتابَه في إعجاز القرآن وهو كتابٌ معروف، أَحْسَن في نَسَقِه وتبويبه، ثم الأديب ابن أبي الإِصْبِع المُتَوَّفى 654، فقد صنَّف كتاب "بدائع القرآن"، أورد فيه نحو مائة من معاني البلاغة وشرحها، واستخرج أمثلتها من القرآن، ثم ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751، وقد أشرنا في غير هذا الموضع إلى تصنيفه كتاب "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان"، وهو في معناه بتلك الكتب كلها"[8].
 
وقد أشار إلى هذا الكتاب الدكتور: أحمد مطلوب في دراسته "البلاغة عند السكَّاكِي"، وذهب إلى أنَّ هذا الكتاب خِلْوٌ من تأثير السَّكَّاكِي، وأنه من وجهة أخرى من درس البلاغة، وأنه من مدرسة ضياء الدين بن الأثير الذي كان له الأثر الكبير عليه[9]، وقد أشار إلى هذا الكتاب إشارةً عابرة الدكتور: شوقي ضيف في كتابه "البلاغة تطور وتاريخ"[10].
 
ولم تتطرَّق هذه الدراساتُ جميعُها إلى مسألة: صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام: ابن قيم الجوزية؛ حيث تلقَّت - كلها - هذه النسبة بالقبول، وقد تسرَّب إليَّ الشكُّ في صحة نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه منذ بدأتُ المطالعة فيه، وكنتُ كلَّما ازددتُ قُرْبًا منه يزداد هذا الشكُّ عندي ويتمكَّن الأسلوب، وهذه الروح هي التي يشعر بها من يطالع كتب ابن قيم الجوزية الأخرى، وإنه ليستحيل أن يوجد لكاتبٍ واحد أسلوبان وطريقان مختلفان، كما يستحيل أن يوجد لشخص واحد بصمتان، و{مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4].
 
وكان لا بُدَّ لي من أن أسلك طريقًا علميًّا لتحرير هذا الشك الهاجِس في نفسي، فكان أن اخترتُ - في سبيل ذلك - منهجًا عربيًّا أصيلاً عرَفه علماء هذه الأمَّة من قديمٍ: طريقُ نقد السَّنَد والمَتْن، وهو منهج أصَّله علماء الحديث النبوي، وانتقل منهم إلى غيره من العلوم، فقلتُ في نفسي: أما جانب (السند) - في قضية النسبة التي معنا هنا - فتحريره يكون من الكُتُب التي اعتنت بهذه الناحية؛ فعليَّ أن أتَّجه إلى كل من تَرْجَم لابن القيم وذكر كُتُبَه، عساي أن أجد ذكرًا ما لهذا الكتاب الذي بين يديَّ، وكان أن صحَّت عزيمتي على مراجعة كتب التَّراجم والطَّبقات، والتَّصانيف المُهْتَمَّة بتوثيق نسبة الكتب لأصحابها؛ كـ"كشف الظنون"، و"مفتاح دار السعادة"، و"هداية العارفين"، ونحوها.
 
وبعدَ أن سرتُ شيئًا في هذا الطريق، وقعتُ على ما صنعه الأستاذ بكر بن عبدالله أبو زيد في كتابه "ابن قيِّم الجوزية.. حياته وآثاره"، وما بذله من جهد جليل القدر في حصر مؤلفات ابن القيم وتوثيق نسبتها إليه، وأتى في ذلك بما وفَّر به عليَّ كثيرًا من الجهد والوقت.
 
قد قرَّر الأستاذ الباحث أنَّه لم يرد من نسب كتاب "الفوائد المُشَوِّق" إلى ابن القيم قبل طبعه، وتَوَقَّفَ مُبْدِيًا شيئًا من الشَّكِّ في صِحَّة هذه النسبة لابن القيم[11]، وقد ذكر الأستاذُ أبو زيد مصادرَه في استقراء كتب ابن القيم، وهي: كتاب: "الوافي بالوفيات"؛ لصلاح الدين الصفدي المتوفى 763 هـ، وهو من تلاميذ ابن القيم، و"الذَّيل على طبقات الحنابلة"؛ لتلميذ ابن القيم: ابن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795هـ، و"الدُّرر الكامِنة"؛ لابن حجر العسقلاني المُتَوَفَّى سنة 852هـ، و"المَنْهل الصافي"؛ لابن تَغْرِي بَرْدِي المتوفى سنة 874 هـ، و"بُغْيَة الوعاة"؛ للسيوطي المتوفى 911 هـ، و"طبقات المفسرين"؛ للدَّاوُدي المتوفى 945 هـ، و"كشف الظنون"؛ للحاج: خليفة المتوفى 1067هـ، و"شذرات الذَّهب"؛ لابن العِمَاد المُتَوَفَّى 1089هـ، و"البدر الطالع"؛ للشَّوكاني المتوفَّى 1250هـ، و"التاج المُكَلَّل"؛ لصديق خان المتوفى 1307هـ، و"هدية العارفين"؛ لإسماعيل باشا البغدادي، المتوفَّى 1339هـ وغيرها[12].
 
كلُّ هؤلاء ذكروا كُتُبًا مصنَّفة لابن القيم، وكلُّهم سَكَتوا عن أن له كتابًا يحمِل عنوان "الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان"، وأمرٌ كهذا يُوَجِّه طعنَةً إلى قضية توثيق نسبة هذا الكتاب لابن القيم، فهل يمكن أن يغيب عن علماء الأمة طِيلَة نحو سبعة قرون من الزَّمان كتابٌ لابن القيم لا يذكره واحد منهم، ولا يُكْتَشَفُ إلاَّ في هذه الأيام؟!
 
هذا عن الجانب الأول، وهو جانب نقد (السند)، أمَّا الجانب الثاني وهو (نقد المتن)، فاتَّجهتُ فيه إلى الكتاب بالدَّرس والتَّأمُّل، فكان أن كشف لي - أيضًا - عن استحالة أن يكون هذا الكتاب لابن القيم؛ لما يأتي:
1- ابن القيم مشهورٌ عنه موقفه من (المجاز) ووصفه له بأنه (طاغوت)، وقد أفرد فصلاً من كتابه "الصواعق المرسلة على الجهميَّة والمُعَطِّلة" بعنوان: (في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعَتْه الجهمية؛ لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز)[13]، وقال عنه: "هذا الطاغوت لَهَجَ به المتأخِّرون، والتَجَأ إليه المُعَطِّلون، وجعلوه جُنَّةً يَتَتَرَّسُون بها من سهام الرَّاشقين، ويصدُّون عن حقائق الوحي المبين"[14]، وقد قرَّر ابنُ القيم في كتابه هذا أن قِسْمَة الألفاظ إلى حقيقة ومجاز ليس تقسيمًا شرعيًّا ولا لغويًّا أيضًا، وأنَّ: "الشرع لم يرد بهذا التقسيم، ولا دلَّ عليه، ولا أشار إليه، وأهل اللغة لم يُصَرِّح أحدٌ منهم بأن العرب قسَّمَت لغاتها إلى حقيقةٍ ومجاز، ولا قال أحدٌ من العرب قطُّ: هذا اللفظ حقيقةٌ وهذا مجاز، ولا وُجِد في كلام مَنْ نقل لغتَهم عنهم مشافهةً ولا بواسطة ذلك؛ ولهذا لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفرَّاء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأمثالهم، كما لم يوجد ذلك في كلام رجل واحد من الأئمة الأربعة، وهذا الشافعي وكثرة مباحثه مع محمد بن الحسن وغيره لا يوجد فيها ذكرُ (المجاز) البتَّة، وهذه رسالته التي هي كأصول الفقه لم ينطِق فيها بالمجاز في موضعٍ واحد، وكلام الأئمةِ مدونٌ بحروفه، لم يُحْفَظ عن أحدٍ منهم تقسيمُ اللغة إلى حقيقةٍ ومجاز، بل أول مَنْ عرف عنه في الإسلام أنَّه نطق بلفظ (المجاز) أبو عُبَيْدة مَعْمَر بن المثنى؛ فإنَّه صنَّف في تفسير القرآن كتابًا مُخْتَصَرًا سمَّاه "مجاز القرآن"، وليس مراده به تقسيم[15] الحقيقة، فإنه تفسير لألفاظه بما هي موضوعةٌ له، وإنَّما عَنَى بالمجاز ما يعبَّر به عن اللفظ ويُفَسَّر به كما سَمَّى غيره كتابَه "معاني القرآن"؛ أي: ما يعني بألفاظه، ويراد بها، كما يُسَمِّي ابنُ جرير الطبري وغيره ذلك تأويلاً[16].
 
ثم ينتهي بعد ذلك إلى تقريرِ أن مصطلح (المجاز) حادثٌ بعد المائة الثالثة، وكان من جهة الجهمية والمعتزلة، فيقول: "وإذا عُلِم أن تقسيم الألفاظ إلى حقيقةٍ ومجازٍ ليس تقسيمًا شرعيًّا ولا عقليًّا ولا لُغَويًّا فهو اصطلاحٌ محضٌ، وهو اصطلاحٌ حدث بعد القرون الثلاثة المُفَضَّلَة بالنَّص، وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهميَّة ومَنْ سلك طريقهم من المتكلمين"[17].
 
ثم اتَّجه ابن القيم بعد ذلك إلى إبطال هذه القسمة (الحقيقة والمجاز) في نحو ثمانين صفحة بكلام إجمالي[18]، ثم خصَّص بعدها فصلاً فيما ادَّعَوْا فيه وقوع المجاز في كلام الله وكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورَدَّ ذلك على وجه التَّفصيل في نحو من أربعٍ وأربعين صفحة ومائة في طبعة مختصر الصواعق[19] التي بين أيدينا.
 
ثم انتهى بعد ذلك إلى أنه ليس هناك جدوى ولا طائل، مع كل ما ساقه من أضرار لهذه القسمة إلى "الحقيقة والمجاز"، يقول ابن القيم: "فالذين قسَّموا الكلام إلى حقيقة ومجاز إن أرادُوا بذلك التقسيم الذهني لم يُفِدْهم ذلك شيئًا، وإن أرادوا التقسيم الخارجي لم يكن معهم دليلٌ يدل على وجود الجميع في الخارج سوى مجرَّد التقسيم، وهو لا يفيد الثبوت الخارجي؛ فحينئذ لا يَتِمُّ لهم مطلوبهم حتى يثبتوا أن هاهنا ألفاظًا وُضِعت لمعانٍ حتى تقلب عنها بوضعٍ ثان على معانٍ أُخَر غيرها، وهذا مما لا سبيل إلى العلم به"[20].
 
هذه نصوصُ ابن القيم التي تكشِف عن حقيقة موقفه من قضية المجاز، وإنَّ مَنْ ينظر فيما جاء في الكتاب الموسوم بـ"الفوائد المُشَوِّق" ليقطع بلا تَرَدُّدٍ أن صاحب هذا الكتاب لا يمكن أن يكون ابن القيم؛ فقد أسهب صاحبه في الحديث عن أقسام المجاز، ووصل بها إلى أربعة وعشرين قسمًا تحت كل قسم أقسامٌ أخرى، واستغرق في ذلك ما يَقْرُب من الثمانين صفحة من طبعة الفوائد المُشَوِّق[21].
 
وأمَّا ما ذهب إليه الدكتور: صبري المتولى من أن كتاب "الفوائد المُشَوِّق" يُمَثِّل المرحلة الأخيرة في تَطَوُّر تفكير ابن القيم البلاغي، وأنه اكتسب فيه استقلالاً عن شيخه ابن تيميَّة، وأنه أعاد فيه النظر في آرائه التي سبقت في كتاب "الصواعق المرسلة"[22]، فهذا الذي ذهب إليه الأستاذُ يحتاجُ إلى معرفةِ تاريخ تأليف كلٍّ من الكتابين حتى يُعْلَمَ السابقُ واللاحقُ، وعندها يمكن القولُ بنَسْخِ اللاحقِ للسابقِ، وهذا مُنْعَدِم هنا.
 
2- وممَّا لَفَتَ نظري في هذا الكتاب الموسوم بـ "الفوائد المُشَوِّق" عند ذكره للزمخشري: أنه يُتْبِع ذلك بصيغة التَّرحُّم عليه: (رحمه الله)[23].
وهذا ممَّا لا يمكن أن يصدُر عن واحدٍ مثل ابن القيم السَّلَفي، المعتَقَد الذي عندَه أن المعتزِلةَ من فِرَقِ المبتَدِعَة والضَّلالة، والزَّمخشري رأسٌ من رؤوس هؤلاء، ولم نعهد واحدًا من أئمة أهل السنة والحديث يَرُدُّ على المعتزلة مُفَنِّدًا ومُسَفِّهًا، ثم يأتي بعد ذلك ذكر أحد أئمتهم فيترحَّم عليه!
 
3- وممَّا لَفَتَ نظري أيضًا في كتاب "الفوائد المُشَوِّق" هذا: أنَّه عند ذكر فخر الدين الرازي نجدُه يُسْبِق اسمَه بما يحمِل الإجلال والإعظام، فلا يذكره إلاَّ بعد أن يسبقه بلفظ "الإمام" فيقول: "وقال الإمام: فخر الدين - رحمه الله"[24]، ومثل ذلك نجد عند ذكره للعزِّ بن عبدالسلام حيث يصفه بـ "الشيخ الإمام: عز الدين بن عبدالسلام"[25]، وهذا غريب على أسلوب ابن القيم الحنبلي المذهب، فهذا ما لا نجده في باقي كتبه، وغاية ما يمكن أن نجده عنده أن يقول مثلاً عن العز بن عبدالسلام: "الشيخ: أبو محمد بن عبدالسلام"[26].
 
4- لَفَتَ نظري أيضًا في هذا الكتاب إطلاقه (الشيخ) على أبي العلاء المَعَرِّي، وهذا غريبٌ على مثل ابن القيم الذي وصف أبا العلاء بأنه: "أعمى البصر والبصيرة، كلب مَعَرَّةِ النعمان، المُكَنَّى بأبي العلاء المَعَرِّي"[27].
هذا لفظ ابن القيم في وصف أبي العلاء، ويظهر منها استكثارُه حتى أن يَنْطِق بلسانه بكنيته (أبي العلاء) مباشرة، فيسبقها بقوله (المُكَنَّى)، ويصفه بـ(الكلب، وأعمى البصر والبصيرة)، ولا أظنُّ أن ابن القيم العفَّ اللِّسان وصل إلى هذا الحَدِّ في وصف أحد بمثل هذه الصفات غير أبي العلاء المَعَرِّي، فأن يتحول إلى ضِدِّ ذلك في كتاب "الفوائد المُشَوِّق"، ويرفع منه ويجعله (الشيخ أبا العلاء)، فهذا ما لا أتَصَوَّرُه!
 
5- ابن القيم معروفٌ باطِّلاعه الواسع على السُّنَّة النبوية المطهَّرة، وله تحقيقاتٌ واسعة في الحديث النبوي الشريف، سَنَدًا ومَتْنًا، رواية ودراية، وما بين أيدينا من كتبه شاهدٌ على ذلك، وله مُصَنَّفٌ في التنبيه على الأحاديث الساقطة والواهية هو كتاب "المَنَار المُنِيف"، واحدٌ هذه صفته لا يمكن أن يقع في كتابه من الأحاديث ما هو مكذوب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا ينتبه إليه! وهذا ما وقع في الكتاب الموسوم بـ"الفوائد المُشَوِّق"؛ حيث وردتْ فيه مجموعة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ولن أَتَعرَّض للأحاديث الضعيفة؛ حيث إنَّ من أهل العلم من يُجِيز الاحتجاج بها، أما المكذوبة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي زُورٌ وبهتان، وقد تَوَعَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعِلَه بمقعده من النار، أَضِف إلى ذلك أن عادةَ ابن القيم المُحَدِّث الفقيه نسبة الأحاديث إلى مُخْرِجِها من أصحاب كتب السُّنَّة النبوية، وهذا معدوم هنا، فلا يوجد حديثٌ في كتاب "الفوائد المُشَوِّق"، مُحَالٌ إلى مُخْرِجه من أصحاب كتب السُّنَّة.
 
وهذه بعض الأمثلة: أَوْرَد صاحب الكتاب في باب (السَّهْل المُمْتَنِع) في القسم الخاص من الباب الثاني المُتَعَلِّق بفصاحة الألفاظ - أمثلةً من السُّنَّة، فقال: "ومنه في السُّنَّة كثير... من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -... وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إيَّاكم وخضراءَ الدِّمَن)) قالوا: وما خضراء الدِّمَن؟ قال: ((المرأة الحسناء في المنبت السوء))، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المَعِدَة بيت الداءِ، والحميَّة رأس كل دواء، وعَوِّدُوا كلَّ جسد ما اعتاد...)) [28].
 
وما أورَدَه هنا من حديث ((المعدة بيت الداء...)) لا يُعْقَل أن يَنْسِبه ابنُ القيم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي قال عنه في كتابه "زاد المعاد": "وأما الحديث الدائر على ألسنة كثير من الناس: ((الحَمِيَّة رأس الدواء، والمعدة بيت الداء، وعوِّدوا كل جسم ما اعتاد))، فهذا الحديث إنَّما هو من كلام الحارث بن كِلْدَة طبيب العرب، ولا يصِحُّ رفعُه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله غير واحد من أئمة الحديث"[29].
 
وأما حديث: ((إيَّاكم وخَضْراءَ الدمن...))، فقد قال عنه الأستاذ الشيخ: ناصر الدين الألباني: "ضعيف جدًّا، رواه القُضَاعيُّ في مسند الشهاب، وأورده الغزالي في "الإحياء"، وقال مخرِّجه العراقي: "رواه الدارقطني في "الأفراد"، والرَّامَهُرْمُزِي في "الأمثال"[30].
 
ونجد مُصَنِّفَ الكتاب الذي معنا يورد في باب التَّشْبِيه حديثًا ذائعَ الانتشار في كتب البلاغة، وهو في الحقيقة موضوع، وهو: ((أصحابي كالنجوم...))[31]، قال عنه الشيخ: ناصر الدِّين الألباني: "موضوع، ورواه ابن عبدالبر في "جامع العلم" 2/91، وابن حزم في "الأحكام" 6/82[32].
 
واحدٌ كابن القيم في جلالة قدره في علم الحديث لا يمكن أن يَصدُر عنه مثلُ هذه الهَفَوات في هذا الفنِّ - فنِّ معرفة صحيح الحديث من ضعيفِه من موضوعه - ولا تخرُج إلا عن واحد بعيدٍ عن هذا الميدان.
 
وهكذا أجدُني مطمئنًّا إلى أنَّ هذا الكتاب الذي بين أيدينا المُعَنْوَن بـ"الفوائد المُشَوِّق" لا يمكن أن يكون لابن القيم، وأمَّا ما يذهب إليه بعضهم أن هذا الكتاب يُمْكِن أن يكون ألَّفه قبل اتصاله بأستاذه: ابن تيمية[33]، فهذا مما لا حاجة تدعو إلى تَكَلُّفه، وكان يمكن أن يكون واردًا لو أن نسبة هذا الكتاب كان مقطوعًا بها لابن القيم، أَمَّا وقد استبان عدم صحة هذه النسبة فلا حاجة إلى ذلك.
 
ولو سلَّمنا فرضًا أن ابن القيم ألَّف هذا الكتاب قبل لقاء شيخه: ابن تيمية لكان كما قال الأستاذ أبو زيد: "أشار إليه في معرِض بحثه، وقرَّر الرجوع عنه، ونبَّه على ذلك حتى لا يغتر به كما هو دَأْب أهل العلم في هذا، وهو مقتضى النصيحة في سبيل الله نصحًا للأمة وتوجيهًا لها"[34].
 
ومما يقطع أخيرًا بزيف هذه النسبة إلى ابن القيم: ما شهد به الأستاذ الثقة الشيخ: أحمد محمد شاكر، قال - رحمه الله -: "وقد اتَّصل بي أن النسخة الخطية التي طُبِع عنها هذا الكتاب كانت نسبتُه فيها إلى ابن القيم مكتوبة عليها بخط جديد غير خط الأصل، فقيل لطابعه: لا تنسبه لابن القيم فلعلَّ كاتب هذه لم يتحرَّ النسبة، وخصوصًا أن الكتاب غيرُ معروف في كتب ابن القيم فأبى ونَسَبَه إليه، فحسبنا الله ونعم الوكيل"[35]، وهذه شهادةٌ لها قدرها من عالِمٍ محقِّق، ورجل عَمِل بالقضاء قاضيًا شرعيًّا، وعاصَر نشر هذا الكتاب، ولا يخفى ما في آخر كلماته من الشعور بالمرارة والألم.
 
هذا عن نسبة الكتاب إلى ابن القيم، وأما تسميته بـ"الفوائد المُشَوِّق إلى علوم القرآن وعلم البيان" فهذه تسميةٌ لا شك مُخْتَرَعة؛ ويؤيد ذلك أن ناشرَه نشره مرة أخرى - هو هو - تحت عنوان آخر هو "كنوز العرفان في أسرار وبلاغة القرآن".
 
فإذا كان الأمر كذلك، فما هذا الكتاب الذي بين أيدينا؟ ومَن صاحبه؟
وقد هداني الله - وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله - إلى الإجابة عن هذا السؤال من خيط دقيق جدًّا داخل الكتاب لا يكاد يكون ملحوظًا، وهو عنوان القسم الحادي والعشرين من أقسام فنون المعاني، فقد جعله بعنوان: (الاحتجاج النظري) وقال فيه: "وبعض أهل هذا الشَّأن يسميه "المذهب الكلامي"، وهو أن يذكر المتكلِّم معنًى يستدل عليه بضَرْبٍ من المعقول"، ومنه قوله - تعالى -: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس: 81]، وقوله - عز وجل -: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وقوله: {قَالَ مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 78- 79]، ومنه قولُ الشَّاعر:
جَرَى الْقَضَاءُ بِمَا فِيهِ فَلاَ تَلُمِ        وَلاَ مَلاَمَ عَلَى مَا خُطَّ بِالْقَلَمِ[36]
 
لَفَتَ نظري هذا العنوان الذي اختاره صاحب الكتاب (الاحتجاج النظري)، وقوله بعدها: "وبعض أهل هذا الشأن يسميه (المذهب الكلامي)"، وجال في نفسي أني قد قرأتُ مثل هذا الكلام قبل الآن، وفي غير هذا الكتاب.
 
نعم، لقد مررتُ به في تفسير "البحر المحيط" لأبي حَيَّان الأندلسي المتوفى 745هـ عند قوله - تعالى -: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ القَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154]، يقول أبو حيَّان: "هذا النوع عند علماء البيان يسمى (الاحتجاج النظري)، وهو أن يذكر المتكلم معنًى يستدل عليه بضروب من المعقول، نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: 79]، {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ} [يس: 81]، وبعضهم يُسَمِّيه (المذهب الكلامي)، ومنه قول الشاعر:
جَرَى الْقَضَاءُ بِمَا فِيهِ فَلاَ تَلُمِ        وَلاَ مَلاَمَ عَلَى مَا خُطَّ بِالْقَلَمِ[37]
وواضحٌ من مقارنة كلام أبي حَيَّان بما جاء في طبعة "الفوائد المُشَوِّق" التَّطابُقُ التَّامُّ بين الاثنين.
 
ونصُّ أبي حَيَّان هذا كان قد لَفَتَ نظري من قبلُ في دراستي السابقة للماجستير عن (البلاغة عند أبي حَيَّان الأندلسي في تفسيره "البحر المحيط") وعلَّقت عليه بقولي: "وقول أبي حَيَّان هنا: "وبعضهم يسميه المذهب الكلامي" يُوحِي بأن الأشهر هو مصطلح "الاحتجاج النظري"، ولكنَّ الأمر بعكس ذلك فالمشهور الذي عليه العلماء تسميتُه بـ(المذهب الكلامي)، وقد حاولتُ معرفةَ مَنِ استخدم مصطلح (الاحتجاج النظري) من علماء البيان، فلم أعثر على ذكره إلا لدى شيخ أبي حَيَّان (ابن النقيب) كما في نصِّ السيوطي الذي سبق ذكره[38].
 
ونصُّ السيوطي هذا الذي أُشِيرُ إليه، وهو قوله في شرحه على منظومته في علم المعاني والبيان: أن صاحب تسمية هذا الفن بـ"المذهب الكلامي" الجاحظ، ثم قال بعدها: "وسمَّاه ابن النقيب الاحتجاج النظري"[39].
 
أعدتُ النَّظر مَرَّةً تِلْو الأخرى في نصِّ السيوطي هذا، والسيوطيُّ من المتأخرين، وكان مهتَمًّا بالجمع والتَّدْقِيق، وضبط المصطلحات، وكونه يقطع بأن (المذهب الكلامي) لم يسمِّه بهذه التسمية (الاحتجاج النظري) إلا ابن النقيب شيءٌ يثير الاهتمام!
 
وهنا طَرَقَ ذهني السؤالُ: إذا لم يكن أحدٌ غير ابن النقيب استخدم مصطلح (الاحتجاج النظري)، فلِمَ لا يكون هذا الكتاب المسمى بـ"الفوائد المُشَوِّق" هو نفسه كتاب ابن النقيب؟!
 
وكان عليَّ التَّحَرِّي من صدق مقولة السيوطي السابقة أنه لم يسمِّ (المذهب الكلامي) بهذه التسمية (الاحتجاج النظري) إلاَّ ابن النقيب، فكان أن تتبَّعتُ ما وصلت إليه يدي من كتب البلاغة التي بين أيدينا اليوم[40] فلم أَجِد في واحدٍ منها إطلاق تسمية (الاحتجاج النظري) على (المذهب الكلامي) إلاَّ في هذا الكتاب المسمى بـ"الفوائد المُشَوِّق"[41].
 
جعلني هذا أُصغِي بعض الشيء لِمَا هَجَسَتْ به نفسي: أنَّ هذا الكتاب المسمى بالفوائد المُشَوِّق ما هو إلاَّ مقدِّمة ابن النقيب في علم البيان، والتي ذكرها أبو حَيَّان الأندلسي في مقدمة تفسيره "البحر المحيط" عند حديثِه عن الوجه الثالث من الوجوه التي يكون منها تفسير كلام الله - سبحانه وتعالى - وهو (جانب الفصاحة والبلاغة) أو بعبارة أبي حيان: "كون اللفظ أو التركيب أحسن وأفصح"، قال أبو حيان: "ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع، وقد صنَّف الناس في ذلك تصانيف كثيرة، وأجمَعُها ما جمعَه شيخُنا الأديب الصالح: أبو عبدالله محمد بن سليمان النَّقيب، وذلك في مجلَّدَين قدمهما أمام كتابه في التفسير، وما وضعه شيخُنا الأديب الحافظ المتبحِّر أبو الحسن حازم بن محمد بن حازم الأندلسي الأنصاري القَرْطَاجَنِّي مقيم تونس المسمى "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"[42].
 
وقد قَوِي ما هجس في نفسي هذا التَّشابُه الكبير بين ما ساقه أبو حَيَّان في "البحر المحيط" من مادَّة بلاغية، وبين ما في هذا الكتاب المسمى بـ"الفوائد المُشَوِّق".
 
ومن أمثلة ذلك: ما ذكره أبو حَيَّان عند تفسير قوله - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: 206]، قال أبو حيان: وفي قوله: {أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ} نوعٌ من البديع يسمى (التتميم)، وهو إردافُ الكلام بكلمة تَرْفَع عنه اللبس وتُقَرِّبه للفهم؛ كقوله - تعالى -: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[43].
 
وهذا التَّعرِيف يتطابق مع ما في "الفوائد المُشَوِّق"[44]، وهذا التعريف للتتميم لم أجده في واحدٍ من كتب البلاغة التي بين أيدينا إلاَّ في هذا الكتاب، وفي تفسير "البحر المحيط".
 
ومن ذلك أيضًا ما ذكره أبو حَيَّان في قوله - تعالى -: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91] أنه فيه نوعٌ من أنواع البديع يسمى (التلميح)، قال أبو حيان: "وقوله {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} فيه نوعٌ من أنواع البديع يُسَمَّى التمليح[45]؛ وهو أن يشار في فحوى الكلام إلى مَثَلٍ سائر، أو شعر نادر، أو قصة مشهورة، أو ما يجري مجرى المثل، ومنه قول يسار[46] بن عدي حين بَلَغَه قتل أخيه وهو يشرب الخمر:
الْيَوْمَ خَمْرٌ وَيَبْدُو فِي غَدٍ خَبَرٌ        وَالدَّهْرُ مَا  بَيْنَ  إِنْعَامٍ  وإِِيآسِ[47]
وهذا الذي ذكره أبو حَيَّان عن (التلميح) موجودٌ في "الفوائد المُشَوِّق"[48].
 
ومن التقارُب الكبير بين ما في "البحر المحيط" وبين ما في "الفوائد المُشَوِّق" ما ذكره أبو حَيَّان عند قوله - تعالى -: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28] قال أبو حَيَّان: "وقال صاحب "التَّحرير والتَّحبير": هذا نوعٌ من أنواع علم البيان تسمِّيه علماؤنا (استدراج المخاطَب)، وذلك أنَّه لمَّا رأى فرعونَ قد عزم على قتل موسى، والقوم على تكذيبه، أراد الانتصار له بطريقٍ يُخْفِي عليهم بها أنَّه متعصب له وأنه من أتباعه، فجاءهم عن طريق النصح والملاطَفة فقال: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ} ولم يذكر اسمه بل قال: {رَجُلًا} يُوهِم أنه لا يعرفه ولا يتعصَّب له، {أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ}، ولم يقُل: "رجلاً مؤمنًا بالله" أو "هو نبيُّ الله"، إذ لو هو قال شيئًا من ذلك لعلموا أنه متعصِّب، ولم يقبلوا قوله، ثم أَتْبَعَه بما بعد ذلك، قدم قوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} موافقةً لرأيهم فيه، ثم تلاه بقوله: {وَإِنْ يَكُ صَادِقًا} ولو قال: "هو صادق وكل ما يعدكم"، لعلموا أنَّه متعصِّب، وأنه يزعم أنه نبي وأنه يصدقه، فإن الأنبياء لا تخِلُُّ بشيء مما يقولونه، ثم أتبعه بكلام يُفْهَمُ منه أنه ليس بمصدِّق وهو قوله: {إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}[49] انتهى.
 
وصاحب "التحرير والتحبير" هذا الذي ذكره أبو حَيَّان هو نفسه شيخه ابن النقيب، وكتابه "التحرير والتحبير" هو تفسيره الكبير للقرآن الكريم، واسمه "التحرير والتحبير لأقوال أئمة التفسير في معاني كلام السميع البصير"[50]، والذي جعل له مقدمةً كبيرة في علم البيان واشتهرت بـ"مقدمة ابن النقيب".
 
وقد ذكر هذه المقدمة غيرُ أبي حَيَّان منهم الزَّرْكشي الذي وصفها - مثل وصف أبي حَيَّان - بأنها أجمع ما صُنِّفَ في علم الفصاحة والبيان، وذلك عند حديثه عن (معرفة كون اللفظ والتركيب أحسن وأفصح) قال الزركشي: "ويؤخذ ذلك من علم البيان والبديع وقد صنَّف الناسُ في ذلك تصانيف كثيرة، وأجمعها ما جمعه الشيخ شمس الدين محمد بن النقيب في مجلَّدَيْن وقدَّمهما أمام تفسيره، وما وضعه حازم الأندلسي المسمى بـ"منهاج البلغاء وسراج الأدباء"[51]، وهذه المقدمة ذكرها ابن السُّبكي من مصادره في تأليف "عروس الأفراح"[52].
 
وقد لَحَظ هذا التشابه بين ما في "البحر المحيط" من مادَّة بلاغية، وبين ما في كتاب "الفوائد المُشَوِّق" الدكتور المحتسب في بحثه للدكتوراه عن "منهج أبي حَيَّان في التفسير"، وحكم بأنَّه من المصادر البلاغية التي لم يذكرها أبو حَيَّان في مقدِّمة كتابه، بل نقل عنه دون تصريح باسمه[53].
 
هذا التشابُه الكبير بين ما في تفسير "البحر المحيط" وكتاب "الفوائد المُشَوِّق"، وانفراد صاحب هذا الكتاب بمصطلح (الاحتجاج النظري) - جعلني أطمئنُّ بعض الاطمئنان إلى ما هَجَسَتْ به نفسي أنَّ ما بين يديَّ من كتاب "الفوائد المُشَوِّق" هو نفسه مقدمة شيخ أبي حَيَّان (ابن النقيب).
 
غير أن هذا لم يكن عندي كافيًا للوصول إلى درجة اليقين، فصرتُ أتلمَّس ذكر (ابن النقيب) ومَنْ نقل عنه؛ لعلِّي أجد فيه ما يشفي، وقد كان بحمد الله وتوفيقه، كان في بعض ذلك شيءٌ من الطَّرَافة، وهو ما وقع لي من نصٍّ آخر عند السيوطي في حديثه عن "التورية" من فنون البديع، قال السيوطي: "حكى بعضهم في التورية قولاً نادرًا فقال: هي أن يعلِّق المتكلم لفظةً من الكلام بمعنى ثم يردِّدها بعينها ويعلقها بمعنى آخر؛ نحو: {مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، فجاء بلفظ الجلالة مضافًا إليه، ثم جاء به مبتدأً، مثل قوله: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108]، الأوَّل متعلِّق بـ{تَقُومَ}، والثاني خبر {رِجَالٌ}"، كذا أورده الأندلسيُّ نقلاً عن ابن النقيب في "تفسيره"... قلت: الظاهر أن هذا القول تصحَّف على ناقله، فإن هذا النوع المسمَّى بـ(الترديد) السابق في (الإطناب) فتحرَّف على الناقل (الترديد) بـ(التورية)، ثم رأيت في "المصباح"؛ لابن مالك التمثيل بالآية الأولى للتَّرديد فصحَّ ما قلتُه"[54].
 
يرحم الله السيوطيُّ فقد شَفَى نفسي بكلامه هذا، وهذا القول النادر في تعريف التورية الذي أشار إليه السيوطي كنتُ قد مررتُ به، وتوقَّفت عنده في "الفوائد المُشَوِّق"[55]، وعلَّقت عليه بهامش نسختي: أنه يخالف ما عُرِف في ضبط حَدِّ (التورية)، وها هو نَصُّ السيوطي يقرِّر أن صاحب هذا المذهب الغريب في تعريف (التورية) هو ابن النقيب.
 
أعدتُ النظر في نصِّ السيوطي السابق، وهَجَس في نفسي أنه يريد بالأندلسي هنا أبا جعفر الأندلسي، وأن هذا النصَّ يمكن أن يكون موجودًا في شرحه على بديعيةِ رَفِيقِهِ ابن جابر الشهيرة بـ"بديعية العميان".
 
فتطلَّبت هذا الشرح المعروف بـ"الحُلَّة السِّيرا في مدح خير الورى"، ووجدتُ له عِدَّة نسخ مخطوطة بدار الكتب المصرية، وكان أن عثرت - بحمد الله وتوفيقه - على النقل الذي نقله السيوطيُّ، وثَبَتَ لي أن الأندلسي هذا هو أبو جعفر الأندلسي أحمد أبو يوسف بن مالك الرعيني الغَرْنَاطِيُّ المتوفى سنة 779هـ.
 
وبعد أن ساق أبو جعفر حَدَّ (التورية) المشهور من أنها: إطلاق لفظ له معنيان قريب وبعيد والمراد البعيد، قال: "وهذا الذي قرَّرناه في حَدِّ التورية هو الذي دَرَج عليه الناس، وقد ذكر ابن النقيب في "مقدمة تفسيره" قولاً نادرًا في التورية فقال: "التورية: أن يعلِّق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يَرُدُّها بعينها ويعلِّقها بمعنى آخر، وذلك في نحو قوله - تعالى -: {حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، فجاء بلفظ الجلالة مضافًا، ثم جاء به مبتدأً، ومنه قوله – تعالى -: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ...} [الروم: 6- 7]، جاء بـ"يعلمون" أولاً منفيًّا ثم جاء به مثبتًا، ومنه قوله - تعالى -: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ} [التوبة: 108] فـ{فِيهِ} الأوَّل متعلِّقٌ بأحقَّ، والثاني في موضع خبر المبتدأ الذي هو {رِجَالٌ}[56].
 
وهذا النص الذي سقتُه يزيد فائدة على نص السيوطي السابق: أنَّه قرَّر أن ذلك القول في "مقدمة تفسير ابن النقيب"، فانضاف هذا في نفسي إلى ما سبق، وهَدَأَتْ ثورة الشك عندي، وأصبح شبه مُتَقَرِّرٍ عندي أنَّ ما بين يدي من مطبوعة "الفوائد المُشَوِّق" ما هي إلا مقدمة الشيخ ابن النقيب.
 
وهذا القول النادر الذي نسبه أبو جعفر الأندلسي إلى ابن النقيب في تعريف (التورية) في الحقيقة ليس إلاَّ نتاج التحريف من ناسِخِ "مقدمة ابن النقيب"، والصواب كما ذهب إليه السيوطي أنه (الترديد) لا (التورية)، فهذا حدُّه المعروف به في كتب علماء البلاغة[57]، وأنه تصحَّف على الناسخ  (الترديد) إلى (التورية)، وهذا يكشف لنا عن أن هذا التصحيف في أصل "مقدمة ابن النقيب" المخطوط كان قديمًا جدًّا من زمن أبي جعفر الأندلسي الرعيني المتوفى سنة 779 هـ وهو تصحيفٌ مبارك، له من الفضل عليَّ في توثيق نسبة هذا الكتاب ما له.
 
ومن النقول الأخرى عن ابن النقيب: ما ساقه السيوطي في "الإتقان" عند حديثه عن (التضمين)، قال السيوطي: "ومثَّله ابن النقيب وغيرُه بإيداع حكايات المخلوقين في القرآن؛ كقوله - تعالى - حكاية عن الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ} [البقرة: 30]، {وَقَالَتِ الْيَهُود...} [البقرة: 113]، {وَقَالَتِ النَّصَارَى...} [البقرة: 113]، قال: "وكذلك ما أُودِع فيه من اللغات الأعجمية"[58].
 
وهذا النقل في "الفوائد المُشَوِّق"[59]، ويلاحظ أن صدر كلام السيوطي ينسب القول بإيداع حكايات المخلوقين في القرآن إلى ابن النقيب وغيره، وأمَّا عجز كلامه فيقطع بأن القائل بأن ما في القرآن من اللغات الأعجمية من باب (الإيداع) هو ابن النقيب وحده، وهذا مُطابِق للفظ "الفوائد المُشَوِّق".
 
ومما يستأنس به أن ما بين أيدينا مقدِّمة لأحد الكتب المصنَّفة في التفسير: أنه ختمها بفصل تحدَّث فيه عن اشتقاق ألفاظ: (القرآن، والسور، والآية، والكلمة، والحرف) وبيان معانيها، واعتذر عن تأخيره ذلك إلى هذا الموضع بقوله: "وقد كان ينبغي أن يكون مقدمًا في أوَّل الكتاب ذكر ما اشتُقَّ منه القرآن والسورة، والآية، والكلمة، والحرف، وبيان معانيها..."[60]، وهذا يُلائِم أن يكون ما بين أيدينا مقدمةٌ بين يدي تفسير القرآن كصنيع الكثير من أئمة التفسير.
 
ويُقَوِّي أن هذه مقدمةٌ في علوم البلاغة للمعاونة على تفسير القرآن: أنه استهلَّ خطبة كتابه بالإشارة إلى احتواء القرآن على "ضروب الفصاحة، وأجناس البلاغة، وأنواع الجزالة، وفنون البيان، وغوامض اللسان، وحسن الترتيب والتركيب، وعجيب السَّرد، وغريب الأسلوب، وعُذُوبة المَسَاغ، وحُسْن البلاغ، وبهجة الرَّونَق، وطلاوة المنطق"[61]، وأشار إلى أنه لا يَعرِف فضلَ القرآن إلاَّ مَنْ عرف كلام العرب، وعرف فنون البلاغة وضروب الفصاحة، وأن هذا الشخص هو الذي يمكنه أن ينظر في القرآن ويشعر بتميُّزِه وتَفَرُّدِه عن غيره من الكلام، ثم قال بعد ذلك: "وسَنُورد في كتابنا هذا أصولاً مُؤَصَّلة وفوائد مفصلة من علم البيان، وما ورد نظيره في القرآن، ما تقف عليه ويعجبك عند النظر إليه"[62]، ثم قال: "ومَنْ لم يَعرِف هذا العلم كان عن فَهْمِ معاني الكتاب العزيز بمعزِل ولم يَقُم ببعض حقوق المنزِّل والمُنَزَّل، ومَنْ وقف على هذه الأصول التي أصَّلتُها، والفصول التي فصَّلتها، ظهر له مِصدَاقُ هذه الدعوى، وأخذ التَّوصُّل إلى معرفة هذا العلم بالسَّبب الأقوى، وحَسُن عنده مَوقِعُه وعَظُم في نفسه مَحِلُّه وموضعه، وخالطت قلبه بشاشة رَوْنَقِه، وحليت في عينه نضارة نَظَائِرِه، وحُسْن مونقه"[63].
 
ونجده يصرِّح بغرضه من وضع هذا الكتاب فيقول: "إذ ليس غرضنا في هذا الكتاب إلاَّ إثبات ما وقع في الكتاب العزيز من فُنُون الفصاحة وعُيُون البلاغة، وبدائع البديع أو ما يجري مجرى ذلك"[64]، ويقول في موضع آخر: "إذ الغرض من هذا الكتاب معرفة ما تضمَّنه الكتاب العزيز من أنواع البيان، وفنون البلاغة وفنون الفصاحة، وأجناس التجنيس".
 
وكل هذا يُقَوِّي أنَّ هذه مقدِّمةٌ بين يدي تفسير القرآن الكريم.
 
ومن كل ما سبق أجدني مطمئنًّا إلى أن ما نُشِر تحت عنوان "الفوائد المُشَوِّق"، أو "كنوز العرفان" منسوبًا إلى الإمام ابن قيم الجوزية - هو في حقيقتِه مقدمة الشيخ ابن النقيب في علوم البلاغة، التي جعلها أمام تفسيره الكبير للقرآن الكريم، والحمد لله أولاً وآخرًا.
 
 
 
 
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] كنت - بحمد الله - قد أصدرتُ منها طبعةً غير مكتملة من نحو سنتين، وقد لَقِيَتْ استقبالاً، طيِّبًا من الباحثين والعلماء؛ فدفعني هذا إلى إعادة النظر فيها ثانيةً وإخراجها بتمامها.
[2] "نشرة أخبار التراث العربي": المجلد: 5، الأعداد: 55- 59، ص: 40.
[3] هو الإمام: أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر الحنبلي الشهير بابن قَيِّم الجوزية و(الجَوْزِيَّة) بفتح الجيم مدرسةٌ كبيرةٌ كانت للحنابلة بدمشق الشام، ولد سنة 691، قال عنه السيوطي: "صَنَّف وناظر واجتهد وصار من الأئمة الكبار في التفسير والحديث والفُروع والأصلَيْن والعربية"، وتوفي سنة 751 هـ.
[4] وما ظهر من طبعات أخرى من الكتاب بعد ذلك فمأخوذ عن هذه الطبعة مع بعض التَّصرُّف في حذف اسم الناشر الأول وتاريخ الطبعة الأولى، وحذف شيء من مقدِّمة خطبة المؤلف، مثلما فعلتْ مكتبةُ المُتَنَبِّي بالقاهرة في إخراج مصوَّرة من هذا الكتاب أوَّلاً، ثم قاموا بإعادة صَفِّه وطَبْعِه، ومن الغريب أنه أَخْرَجَت له أخيرًا دارُ الكتب العلمية- بيروت نشرةً زعموا أنها مُحَقَّقة على أصول معتَمَدة، وهذا أمر مثيرٌ للسخرية والألم في نفس الوقت، وما هي إلا نسخة (المتنبي) السابقة بكل مَسْخِها وتحريفها، ولله الأمر من قَبْلُ ومن بعد!!
[5] وُلِد في حَلَب سنة 1282 هـ= 1865 م وتعلَّم بها، وانتقل إلى القاهرة، وأنشا مكتبة الخانجي، ونشر الكثير من نوادر التراث العربي، وتُوُفِّي بالقاهرة 1358 هـ= 1939 م، ترجمته في: "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي"؛ للدكتور: محمود الطناحي: 59.
[6] هو محمد بن مصطفى بن رَسْلان النعساني الحلبي، أديبٌ شاعر وُلِد بحلب سنة 1298 هـ، وتوفي 1362 هـ، نَزَل مصرَ وأقام بالأزهر ثماني سنوات، واشتغل بتصحيح الكتب إلى تآليف أخرى، انظر ترجمته في: "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي": 61.
[7] "إعجاز القرآن"؛ للرافعي: 210.
[8] السابق: 256.
[9] "البلاغة عند السكاكي": 357.
[10] "البلاغة تطور وتاريخ": 219، 220.
[11] انظر: "ابن قيم الجوزية حياته وآثاره": 184- 185، وقد كنتُ أظن أن الأستاذ بكر بن عبدالله أبو زيد هو أوَّل من شكَّ في نسبة هذا الكتاب قبلي إلى ابن القيم، وقد ذكرتُ هذا فيما نُشِر لي من مقالٍ عن هذا الموضوع بـ"مجلة معهد المخطوطات العربية"، المجلد 35، وقد علَّق عليه بعد ذلك في نشرة "أخبار التراث العربي"، ص 40، 41 (المجلد الخامس، الأعداد: 55- 59) الدكتور: عبد الإله نبهان، وكيل كلية الآداب بجامعة البَعْث في حِمْص بسورية، ونبَّهني إلى أن الأستاذ أبا زيد ليس أوَّل من شكَّ في نسبة الكتاب، وأنَّه مسبوقٌ في ذلك قديمًا بمن يُدْعَى أبا الأشبال حيث نَشَر طعنًا في ذلك في مجلَّة (المنار المجلد 19، الصادر عام 1334 هـ- 1916 م، ص 120 في باب المراسلة والمناظرة) وأورد الدكتور: نبهان نصَّ الكتاب وعلَّق عليه بقوله: "ولم يصرِّح الكاتب باسمه، وقال: كَتَبَه أبو الأشبال - عفا الله عنه"، وما "أبو الأشبال" هذا الذي أشار إليه الدكتور نبهان إلاَّ الأستاذُ الكبير المحدِّث المجتهد الشيخ: أحمد محمد شاكر - رحمه الله - فهذه كُنْيَتُه وقد نقلتُ مقالة الشيخ: أحمد شاكر فيما سَبَقَ.
[12] انظر: "ابن قيم الجوزية حياته وآثاره": 112- 116.
[13] "مختصر الصواعق المرسلة": 284.
[14] "مختصر الصواعق": 284.
[15] كذا بالمطبوعة، ولعلها: (قسيم).
[16] "مختصر الصواعق": 285.
[17] "مختصر الصواعق": 287.
[18] "مختصر الصواعق": 284- 364.
[19] من صفحة: 365- 509.
[20] مختصر الصواعق: 290.
[21] من صفحة 9- 87.
[22] انظر: "منهج أهل السنة في تفسير القرآن الكريم دراسة موضوعية لجهود ابن القيم في التفسير"؛ للدكتور: صبري المتولى: 431.
[23] "الفوائد المُشَوِّق": 106.
[24] "الفوائد المُشَوِّق": 44، 147.
[25] "الفوائد المُشَوِّق": 13، 32.
[26] انظر: "الوابل الصيب من الكلم الطيب": 25- 28.
[27] "طريق الهجرتين": 146.
[28] "الفوائد المُشَوِّق" ص 223.
[29] "زاد المعاد في هدي خير العباد"؛ لابن القيم: 3/98.
[30] "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"؛ للشيخ: ناصر الدين الألباني: (1/21).
[31] "الفوائد المُشَوِّق" ص 56، 66.
[32] "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"؛ للألباني: 1/73، وانظر: عدة ألفاظٍ له أخرى في نفس السلسلة: 1/74- 79.
[33] انظر: "ابن قيم الجوزية حياته وآثاره": ص 185.
[34] "ابن القيم حياته وآثاره": ص 185.
[35] "مجلة المنار" العدد 19، عام 1334هـ- 1916م- ص 120، وقد أوردنا مقالة الأستاذ: أحمد شاكر كاملة فيما سبق.
[36] "الفوائد المُشَوِّق": 136.
[37] تفسير "البحر المحيط": 3/ 89.
[38] "البلاغة عند أبي حَيَّان الأندلسي في تفسيره "البحر المحيط"" مخطوطة بمكتبة دار العلوم- جامعة القاهرة.
[39] "شرح عقود الجمان في علم المعاني والبيان"؛ للسيوطي: ص 123.
[40] وانظر: "معجم المصطلحات البلاغية وتطورها": 1/7.
[41] وجدتُ صاحب "الإشارات والتنبيهات في علم البلاغة": محمد بن علي بن محمد الجرجاني المتوفَّى سنة 729هـ يسمِّي فن (المذهب الكلامي) بالمحاجَّة، انظر: "الإشارات والتنبيهات": 280.
[42] "البحر المحيط" 1/6.
[43] "البحر المحيط" 2/117.
[44] "الفوائد المُشَوِّق" ص 90.
[45] كذا في مطبوعة "البحر المحيط"، وهو تصحيف.
[46] كذا في مطبوعة "البحر المحيط"، ويبدو أنه تصحيف "بشار"، وللأسف فمطبوعة "البحر المحيط" مليئة بمثل هذه التصحيفات، وأسأل الله أن يعينني على إخراج هذا التفسير إخراجًا علميًّا دقيقًا، وأن يَظْهَر قريبًا الجزء الأول منه محققًا.
[47] "البحر المحيط" 5/85.
[48] انظر: "الفوائد المُشَوِّق": 162.
[49] "البحر المحيط" 7/461- 462، وقابل بـ"الفوائد المُشَوِّق" 213، 214.
[50] انظر ما يأتي.
[51] "البرهان في علوم القرآن": 1/311.
[52] انظر: "عروس الأفراح": 1/31.
[53] انظر منهج أبي حَيَّان في تفسيره "البحر المحيط"، رسالة دكتوراه بجامعة القاهرة ص 35، 339، 342، 345، ومن المفارقة أنَّني رفضت هذا الرأي من قبل، وذهبت إلى غير ما ذهب إليه الدكتور المحتسب، انظر: "البلاغة عند أبي حَيَّان الأندلسي": 69، وها أنا أعود اليوم بعد سنوات إلى ما كنت رددته من قبل!
[54] "شرح عقود الجمان": 115.
[55] "الفوائد المُشَوِّق": 136.
[56] "الحُلَّة السِّيرا في مدح خير الورى": ورقة 152، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم: 282 بلاغة.
[57] انظر: "تحرير التحبير": 253، و"بديع القرآن": 96، و"البرهان في علوم القرآن": 3/301، و"الإتقان في علوم القرآن": 3/201، و"شرح عقود الجمان": 73، وانظر غيرها في "معجم المصطلحات البلاغية وتطورها": 2/128- 132.
[58] "الإتقان": 3/270، وذكره في "معترك الأقران": 1/388- 389، وذكره الزركشي في "البرهان": 3/344.
[59] "الفوائد المُشَوِّق": 117- 118.
[60] "الفوائد المُشَوِّق": 244.
[61] "الفوائد المُشَوِّق": 5.
[62] "الفوائد المُشَوِّق": 7.
[63] "الفوائد المُشَوِّق": 8.
[64] "الفوائد المُشَوِّق": 225.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • مقدمة لا تشبه المقدمات(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • المختصر المفيد لنظم مقدمة التجويد: (مختصر من نظم "المقدمة" للإمام الجزري) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة في أصول التحقيق (مقدمة كتاب الانتصار)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دراسة في مقدمات العلم: المقدمات العشر للتحرير والتنوير أنموذجا(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • 27 مقدمة من أروع مقدمات الخطب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التناقض في مقدمات الأدلة الإرشادية للقرائية ومقدمات كتب اللغة العربية لما قبل التعليم الجامعي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مقدمة ديوان " لحن الجراح "(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • المبادئ العشرة لعلم الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشافية وأثرها في الدرس الصرفي(مقالة - حضارة الكلمة)

 


تعليقات الزوار
1- و نعمَ التحقيقُ
الدكتور المصطفى لغفيري - المغرب 20-11-2009 03:27 AM
بسم الله و الحمد لله. بارك الله لكم أخي في هذا الصنيع البديع الذي ينم على أن التحقيق صعبة دروبه وأنه في حاجة ماسة إلى الخريت الماهر العالم بِبُنَيَّات هذا الحقل المعرفي الشائك. ولقد اطلعت على مقالتك النيرة فبدا لي نَفَسُ محققٍ يتغيى الأمانة العلمية من مواطنها الأصلية الشيء الذي يثلج الصدر لأنه لازال لدينا منْ يحققُ لنفيِ الغبار ورفع هذا العار الشنار الذي لحق بتاريخنا و تاريخ أعلامنا كابن القيم- رحمه الله- وإني أدعو الله أن يكثر من أمثالك غيرةً على المعرفة وهي بتعبير بكر أبو زيد- رحمه الله- شقيقة الغيرة على المحارم، حفظك الله و رعاك. و بعد الإطلاع على مقالتك الحجة ذات بهاء المحجة، طرق في نفسي موضوع شبيه بهذه القضية تعرضت له وأنا أشتغل في تحقيق وضبط متنٍ لغويٍّ لأحد الأعلام المغاربة وهو ابن زاكور الفاسي في إحدى أعماله التي ستصدر لي قريبا بإذن الله، وبمجرد ما أسجل حقوق الملكية وأدفعه للطباعة سأتناول الموضوع مفصلا إن شاء الله عز وجل. ولعل صيحات أساتذتنا كأبي الأشبال و محمد المنوني - رحمهم الله - تجد آذانا صاغية لربها خاشعة: كفانا جناية على التراث. إنه الوأدُ الخفيّ للذات. وبالله التوفيق.أرجو التواصل، جزاك الله خيرا على مقعدك لحراسة البيت/ الكنز.
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب